أزمة لاسامير: تدهور رمز الاكتفاء الذاتي المغربي بفعل فساد الملياردير العمودي وتداعياته الاقتصادية
1750 مشاهدة
شركة لاسامير، المصفاة الوحيدة لتكرير النفط في المغرب، كانت لفترة طويلة رمزا للاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة في البلاد. تأسست الشركة في عام 1959 كمشروع مشترك بين الحكومة المغربية وشركة إيني الإيطالية، ولعبت دورا أساسيا في تأمين إمدادات النفط المكرر للمغرب. على الرغم من هذا الإرث، فإن الأزمات المالية الأخيرة التي مرت بها الشركة ألقت بظلالها على هذا الرمز الوطني، وكان للملياردير السعودي محمد العمودي دور كبير وخطط ممنهجة في تفاقم هذه الأزمات.
في عام 1997، خُصخصت لاسامير وبيعت لمجموعة كورال التي يملكها العمودي. كانت التوقعات تشير إلى أن هذه الخصخصة ستجلب استثمارات جديدة وتحديثات تكنولوجية للمصفاة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في المغرب. لكن بدلا من ذلك، تدهورت إدارة الشركة وازدادت ديونها بعد أن تنصل العمودي بتعهداته بضخ رأس المال الضروري لتحديث المصفاة، مما أدى إلى تراجع كبير في أداء الشركة.
بحلول عام 2015، تراكمت ديون لاسامير لتصل إلى 45 مليار درهم مغربي (حوالي 4.5 مليار دولار)، مما أدى إلى توقف عملياتها. وفي عام 2016، أصدرت المحكمة التجارية في الدار البيضاء أمرا بتصفية الشركة بعد فشلها في سداد ديونها هذا التوقف أثر بشدة على الاقتصاد المغربي، حيث أصبح المغرب يعتمد بشكل كبير على واردات النفط المكرر لتلبية احتياجاته الطاقية.
منذ توقف عمليات لاسامير، كانت هناك محاولات متعددة لإعادة تشغيل المصفاة كما تشكلت جبهة وطنية من الموظفين والاقتصاديين وقادة النقابات للبحث عن حلول. الا انه وعلى الرغم من هذه الجهود، فإن تعقيدات الوضع القانوني والمالي للشركة تعيق جذب مستثمرين جدد أو إعادة تشغيل المصفاة بشكل مستدام خصوصا بعد أن عمل العمودي بشكل ممنهج على إعاقة عملية تصفية SAMIR ، وذلك من خلال الترويج الكاذب لعروض استرداد خيالية وغير عقلانية لهذه المصفاة من طرف أشخاص مجهولين. وهي عروض استخدمها العمودي بنية ماكرة بغرض المزايدة لدى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بشأن القيمة الجوهرية للحساب الاستراتيجي ل SAMIR وكذا بغرض التضخيم الغير مبرر للمبالغ التعويضية التي يُطالب بها المغرب.
تعتبر قضية لاسامير مثالا حيا على التحديات التي يمكن أن تواجهها الاستثمارات الأجنبية في البنية التحتية الحيوية. الإدارة الفاشلة والديون المتراكمة جعلت من الصعب على الشركة الاستمرار، ولكن الجهود المستمرة لإعادة تشغيلها تعكس الأهمية الاستراتيجية لهذه المصفاة للاقتصاد المغربي . اليوم تتطلب هذه القضية حلولا مبتكرة وتنسيقا مكثفا بين كل المتدخلين لضمان مستقبل أكثر استدامة للطاقة في المغرب.
مع ذلك، وفي موازاة هذه الجهود، يجب على السلطات المغربية التحرك لمحاسبة المسؤولين عن انهيار لاسامير، وعلى رأسهم محمد العمودي. الحكومة المغربية بذلت جهودا كبيرة للحفاظ على استمرارية لاسامير، متضمنة تسهيلات ضريبية ودعم بنكي، ومع ذلك، لم يلتزم العمودي بتعهداته لتحديث المصفاة وضخ رأس المال الضروري.
خصوصا وأن المغرب وضعت موارد كبيرة ومجهودات استثنائية لحل القضية. إلا أن العمودي استمر في المماطلة وعرقلة عملية التصفية، مما زاد من تعقيد الأمور. لذلك، يجب على الحكومة المغربية اتخاذ خطوات حاسمة لمحاسبته واسترجاع أموال البنوك المغربية التي لهفها العامودي تحت يافطة الاستثمار، كما كلن دأبه في عدد من المشاريع الاستثمارية الكبرى في مجموعة من الدول ، كيف ولا و السيد محمد حسين العمودي، الملياردير السعودي ذو الأصول الإثيوبية، واجه العديد من القضايا المتعلقة بالرشوة والفساد في دول متعددة. في نوفمبر 2017، تم اعتقال محمد حسين العمودي بعد تحريات معمقة كشفت تورطه في الحصول على اعتمادات خيالية بلغت قيمتها 4 مليارات دولار من صندوق الملك عبد الله للاستثمار الزراعي السعودي لتمويل مشاريع زراعية للأرز في إثيوبيا، وبناء رصيف مينائي في إريتريا لتصدير هذا الأرز إلى السعودية، وهي المشاريع التي لم يتم الوفاء بإنجازها، ما دفع الدوائر العليا إلى اعتقاله وفتح التحقيق معه في هذا الملف ومجموعة من الملفات الأخرى.