من أجل حيوية اللحظة الانتخابية وجاذبيتها

1728 مشاهدة

من أجل حيوية اللحظة الانتخابية وجاذبيتها

 

في السياسة كما في الفلاحة لا يمكن أن تكون غير متفائل ولأني حريص على ان أحتفظ بحد أدنى من التفاؤل، أحاول أن أجد أثرا  لمعنى الانتخابات المقبلة ومحاولة فهم بعض رهاناتها.

 

بعيدا عن التيئيس والتبخيس وربما التشكيك،  تنتصب أسئلة محرقة  تطوق العملية الانتخابية وتضع جاذبيتها وقدرتها على تعبئة الناخبين موضع تساؤلات  متناسلة.

 

لن أتوقف عند السياق السياسي والاجتماعي لهذه الانتخابات المطبوع بكتير من التعقيد ولكن، سأتوقف عند بعض عناصره الدالة أتصورها على الشكل التالي:

      – النموذج التنموي والبرامج الحزبية

واكب الإفصاح عن مضمون النموذج التنموي الجديد دينامية إعلامية لافتة، واستعادت معه النقاشات الأكاديمية والحزبية شيئا من الدفء الذي افتقدته لمدة ليست بالقصيرة.

 

وبغض النظر عن مظاهر الاحتفالية التي واكبت هذا النموذج  يبدو من المناسب أن ننتبه الى ان بعض مضامينه على الرغم من تفاوت تقييمنا لوجاهتها ستزيد من تعميق أزمة الخطاب الحزبي تصورا وبناءً  عند تدبير اللحظة الانتخابية، وتقلص من هامش المبادرة السياسية للفاعلين اذ سنكون امام مرجعية موحدة أقرها هذا النموذج  نفسه واقترح لها محاور استراتيجية ورافعات للتنفيذ  مما سيصعب معه  الحديت عن تنافس بين برامج سياسية للأحزاب،  ويجعل من الاستنساخ آلية شبه مركزية لبناء مضامينها.

 

ستظل هذه البرامج مشدودة الى اختيارات مسبقة وستقترب من كونها مجرد خطاطات عمل سيكون مجال التنافس بينها مرتبطا بالأساس بمستلزمات تقنية  تستعيض بها عن الهويات السياسية والاختيارات الايديولوجية والمجتمعية، وتتحول معها الأحزاب الى أشبه بمكاتب دراسات المواكبة والتنزيل… وبذلك سيتعذر على الناخب ممارسة حق الاختيار ويُفقد اللحظة الانتخابية نفَسَها التنافسي، ويشل قدرة الاحزاب على التعبئة والاقناع.

 

        -الميركاتو الحزبي وسؤال الالتزام السياسي

بمجرد الإعلان عن الأجندة الانتخابية نشطت داخل التشكيلات الحزبية حركة دؤوبة في شكل انتقالات بالتقسيط والجملة للمنتخبين، وتفجرت صراعات داخلية بأعيرة نارية صديقة كانت أُولى ضحاياها مصداقية العمل السياسي وصورة هذا الفاعل الحزبي، وتبخيسا  لثقافة المسؤولية والمحاسبة واحترام التعاقدات.

 

نحن إذن أمام ممارسة تُجْهز على ماتبقى من رصيد الثقة، وتعمق من مخاصمة السياسة والنفور منها، وتجعل من اللحظة الانتخابية -في غياب محاسبة موضوعية- مجرد لحظة بدون معنى او تأثير.

 

وتأسيسا على ماسبق سنكون إذن أمام خطابات بدون نفَس استراتيجي ومخيال حزبي استشرافي، وأمام عدد من السياسيين بدون التزام أو احترام  لتعاقداتهم.

 

وعلى الرغم من كل هذه الأعطاب والمعضلات لحياتنا السياسية سيكون وعي الناخبين وإيمانهم بجدوى المشاركة إحدى رهانات هذه اللحظة ومن مستلزمات نجاحها من اجل مغرب جدير بأبنائه.

اخر الأخبار :