مشروع يقدر ب900 مليون سنتيم لمحاربة الكلاب الضالة بمراكش
4115 مشاهدة
لازالت الكلاب الضالة تفرض نفسها في واجهة أحداث مدينة مراكش، حيث تحولت إلى ظاهرة في المدينة تتوزع على أحيائها بأعداد ملفتة، مخلفة رعبا في نفوس العديد من المواطنين، وخطورة يومية على حياتهم، وتشوها في المنظر العام، ناهيك عن حالات الاعتداء، ولعل أسوأها تسببها في وفاة شاب في مقتبل العمر بسكتة قلبية الأسبوع الماضي بمنطقة المحاميد5 بعد مطاردة من كلبة ضالة في الشارع العام ، وقد تعددت شكاوى المراكشيين بخصوص الظاهرة، وأسال مداد أقلام الصحافة المحلية والوطنية بسبب استفحالها منذ شهور خلت.
وفي هذا الصدد قابل موقع « مراكش7″ خديجة خرباشي نائبة عمدة مدينة مراكش المكلفة بتدبير قطاع الحفظ الصحي، واستقى منها عددا من المعطيات بخصوص تعاطي المجلس مع هذه الظاهرة، باعتباره المسؤول المباشر عن معالجتها، وفي تصريحها أقرت نائبة العمدة بتعقد الوضعية قائلة » نتأسف على حادثة الشاب الذي توفي بالمحاميد، وندعو له بالرحمة والمغفرة، ولا نريد أن تتكرر حوادث من هذا القبيل. وبخصوص الكلاب الضالة فهي ظاهرة تفاقمت خلال السنتين الأخيرتين، حيث تكاثرت أعدادها خلال فترة الحجر الصحي وازداد الأمر سوء بعدها لسبب لا نعلمه، وبعد مجيئنا في شهر أكتوبر وجدنا الوضعية متأزمة.
وبخصوص التعاطي الآني للمجلس مع ظاهرة الكلاب الضالة قالت بوخراشي « وجدنا ثلاث سيارات أضفنا ثلاث سيارات أخرى، وعملية تجميعها من الشوارع من طرف الفرق المختصة تتم سبعة أيام في الأسبوع وفق برنامج محدد، مع اجتماعات دورية نعقدها كل 15 يوما، وفي الآن نفسه نحاول أن نجيب عن كل الشكايات، وتتبع البؤر وأماكن تجمع نفايات الأكل، وتمكنا من حجز 467 كلبا خلال شهر أكتوبر الماضي، و 519 كلبا في نونبر الذي يليه، و199 كليا إلى الثامن من دجنبر الجاري، وإلى الآن تمكنا من جمع ما يزيد عن 1500 كلب ضال ».
ونبهت المتحدثة من جهة أخرى إلى ما اعتبرتها صعوبات تواجه العاملين في مكافحة انتشار الكلاب الضالة، حيث صرحت » الطريقة التي نعمل بها لا تمكننا من بلوغ العدد الكافي، لأنها هذه الطريقة تقليدية تعتمد جمع الكلاب من الشارع بشكل مباشر، ومنذ منع استخدام مادة » الأستركنين » السامة التي تباد بها الكلاب، جعلنا لا نتجاوز عدد 40 كلبا في اليوم في أحسن الحالات.
وأضافت « بالنسبة للعمال الذين يقومون بمهمة جمعها من الشوارع فهم يتعرضون لمضايقات كثيرة من طرف المواطنين، حيث يقومون بضربهم ورميهم بأشياء مختلفة واعتراض سبيلهم، وهناك من يتعرض لاعتداء من طرف « الميخالة »، كان آخرها منصف ليلة الاثنين 27 دجنبر حيث اعتدى مجموعة منهم بالضرب على أحد العمال التابعين للجماعة أثناء قيامه بمحاولة القبض على أحد الكلاب بمنطقة العزوزية، ما خلف إصابة لديه على مستوى الكتف، كما قاموا بتكسير زجاج السيارة، ولولا هرب العامل لتطور الأمر إلى الأسوء بعد محاولتهم اللحاق به « .
وأردفت « هناك من بين العمال من تلقى اللقاح المضاد للسعار لخمس مرات، أي ما مجموعه عشرون جرعة، بعد تعرضه لعضات من الكلاب أثناء جمعها لأكثر من مرة، ما خلف لديه تخوفات حول آثار توالي التلقيحات على جسده، والمواطنون يزيدون من صعوبة مهمتهم باعتراض سبيلهم، ما يدفعنا مرات عديدة لطلب تدخل السلطات لمرافقة هذه الفرق أثناء القيام بهذه العملية ».
وكان المغرب قد اتجه إلى تبني مقاربة جديدة لمكافحة انتشار الكلاب الضالة، تنطلق من منهجية علمية تعتمد ما يعرف بخطة « T.N.R« ، أي جمع الكلاب ثم تلقيحها ضد داء الكلب، ثم تعقيم الإناث وإخصاء الذكور وإعادتها إلى محيطها، وقد شهدت سنة 2019 المصادقة على اتفاقية إطار جمعت بين وزارة الداخلية تحت الإشراف المباشر لمديرية الجماعات الترابية، ووزارة الصحة، والمكتب الوطني للسلامة الصحية، والهيأة الوطنية للأطباء البياطرة، لمكافحة الظاهرة بطرق ذات خلفية علمية وأخلاقية.
وكشفت نائبة عمدة المدينة عن شروع المجلس الجماعي في العمل على تنزيل مشروع الإعداد لمحجز على مستوى المدينة تقدر كلفته ب900 مليون سنتيم، في إطار تبني منهج « T.N.R » لمكافحة انتشار الكلاب الضالة، حيث صرحت « نحن الآن بصدد تهييء الكلفة المالية للمشروع والتي تقدر ب900 مليون سنتيم، وننتظر المصادقة عليه في دورة فبراير 2022 للمجلس الجماعي، وسيكون بشراكة مع الجهة، وهو من أولويات العمل الآن »، وفصلت قائلة » هو عبارة عن اتفاقية كانت بين وزارة الداخلية والأونسا ومكتب البياطرة والجماعات المحلية، على أساس أن يتم بناء محجز للكلاب يأويها بعد صيدها من الشارع، ثم بعد ذلك يتم إدخالها إلى المستوصف، حيث تخضع للتعقيم والإخصاء والتلقيح ويتم ترقيمها لتتبعها قبل إعادتها إلى أماكنها. وهذه المقاربة ستمكننا من الحد من تناسل الكلاب، وأثرها سيظهر على المدى المتوسط سيكون بعدم ازدياد أعدادها، وعلى المدى البعيد سيكون الأثره أكبر بكثير، وهذا التوجه هو اتجاه عالمي، وأفقه القضاء على السعار بشكل نهائي وعدم تسجيل أي حالة منه في المغرب، لأن المغرب ملتزم باتفاقيات في هذا الخصوص ».
من جانب آخر أكد الدكتور منصف الشرقاوي رئيس قسم حفظ الصحة بمراكش على أن « ظاهرة الكلاب الضالة مشكل وطني له أسباب كثيرة، وبتعدد المتدخلين فيه، وتبين أن الاستراتجية الوطنية المتبعة في هذا الميدان لم تكن ناجعة »، وأضاف » العوامل التي تتحكم في الأمر متعددة، بينها الهجرة والنظافة، حيث تتبع الكلاب الأكل خصوصا في أماكن تجمع الأزبال، ما يعني أن المواطنين يجب أن يتعاملوا بنوع من المسؤولية عند رمي الأزبال، وعليهم عدم ترك الكلاب التي يربونها طليقة في الشوارع العامة، أو وضع الأكل في الشوارع للحيوانات المشردة ».
وعلاقة بالموضوع ذاته انتقد د.الشرقاوي الفئة التي ترفض إبادة الكلاب بعد القبض عليها قائلا « هل نتركها في الشارع تنهش المارة، عضة الكلب مشكل خطير، فمن يتعرض لعضتها أو تخدشه إذا لم يتلقى اللقاح سيصاب بالسعار ويموت »، وأضاف « الجماعة تصرف مبالغ مهمة وتتحمل ميزانية اللقاح المضاد للسعار، وتقوم بتلقيح من تعرض للعض أوالخدش من المواطنين حتى من مناطق خارج الجماعة، ويصرف في هذا أموال طائلة، وفي هذا الأسبوع صرفت الجماعة 200 مليون سنتيم في اقتناء هذه اللقاحات ».
وختم الشرقاوي قائلا » الأمر يحتاج إلى عمل متكامل يتعاون فيه الجميع، الجماعة والمواطن والإعلام ».