مراكش المدينة التي تتألم أمام الآذان الصماء والعيون العمياء


مشاهدة : 547

مراكش المدينة التي تتألم أمام الآذان الصماء والعيون العمياء

 

تكتب أناملي مرتعشة تبكي، لم تجد أمامها غير عبارات الألم لتحكي ، هدوء غير مألوف يعم المدينة بأكملها , أجواء غير معتادة تعيشها يوميا , قرارات قاسية أخلت شوارعها وأزقتها من الناس , لطالما كانت مراكش مدينة البهجة و السرور ,وكان المراكشيون منبع الفرجة والفكاهة، أصبحت القلوب قاسية مع قساوة الإجراءات . و تلاشى الضحك مع توالي القرارات . ليسيطر الحزن على ملامح البهجاويين .في إشارة واضحة من العدو الحقيقي الذي لم يعد يُخفي نيته في إسقاط العاصمة السياحية .

النخيل بمراكش التي صارت شبه مهجورة , منتصبا لوحده ليلا في شوارعها , يهمس فيما بينه حول ما يجري مُتسائلا, أين الناس و ضجيجهم ؟ أين الأطفال و صراخهم ؟ أين وسائل النقل و الركاب ؟ لتأتي حافلة الأمن , طويلة القامة , جميلة المظهر بشبابيك حديدية  تحمي زجاج نوافذها, تسير بخطى ثابتة , يتناوب ضوء اللونان الأخضر و الأحمر من على سطحها , تُجيب المُتسائل عن أسئلته و هي تجوب شوارع المدينة باحثة عن مخترقي حالة الطوارئ .

وقع ما كان متوقعا , اعتقالات بالجملة هنا و هناك , عقوبات الإفلاس في حق التجار ، الصناع التقليديين، أرباب المقاهي، ارباب الفنادق و قائمة المحكوم عليهم بالإفلاس طويلة . توقيف كل من سولت له نفسه العمل خارج التوقيت المحدد , لتهدأ الأجواء و تصبح مخيفة . داخل مدينة تبقى ممراتها في الأيام العادية مكتظة لساعات متأخرة من الليل , وسط أجواء ملؤها الفكاهة و الضحك بين سكان المدينة و الزوار .

جامع لفنا ,الأم العطاء ,أم المُيامون خجولة و غير راضية على ما آلت إليه أوضاعها . أبدت خوفها على أبنائها الذين توالت عنهم قرارات الابتعاد عنها وهجمات السلطات المختصة , لا يُخفى على أحد حب الأم و حنينها تجاه فلذات كبدها, ساحة جامع لفنا التي كانت تحتضن شريحة مُجتمعية عريضة , بائعي الفرجة و الضحك مقابل الابتسامات و التصفيقات,  بائعي الفكاهة و المتعة وسط دوائر بشرية , و بائعي المأكولات الخفيفة .و الزائرين يتسابقون للاستمتاع بحكايات ‘‘ الحكواتي ’’ أو أغنية مصحوبة بلغة جسدية ساخرة … .حقا كان كل شيء جميل، واليوم حق علينا القول  » إنا لله وإنا إليه راجعون  » .

وكيلة المدينة مبتورة اللسان , سكوتها ليس غريبا عن موكليها . و لا يُنسب إلى ساكت قول , و لكن السكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان ، قليلة هي الأرواح التي لا تزال صامدة أمام الفقر والبطالة ,شامخة مقاتلة مكافحة ,  لكن سقوطها بات قريبا , ما لم تحدث معجزة تعيد اللسان إلى المدافعة للترافع و الدفاع عن المراكشيين , و ردع خصم المدينة للكف عن هجماته , فللصبر حدود .

لم يتبقى في المدينة العتيقة غير شوارعها العريضة و المنتظمة , و الإشارات الضوئية و علامات العبور إلى الرصيف الآخر .لن تستطيع التفريق بين محلات الجزار و البقال و بائعي الثياب و العطار .اختفت العربات بأشكالها المختلفة , و السيارات الخاصة و الدراجات النارية . مدينة مراكش في إجازة بعد التاسعة ليلا , أصبح الجميع ينتظر صبحها و يرى نور نهارها الذي يُخفي غموض ليلها و كآبته .

 

3 commentaires sur “مراكش المدينة التي تتألم أمام الآذان الصماء والعيون العمياء

  1. 242083 480350Id require to verify with you here. Which is not 1 thing I typically do! I take pleasure in reading a submit that will make individuals feel. In addition, thanks for permitting me to remark! 593334

  2. 742827 239217I enjoyed reading this a lot I really hope to read a lot more of your posts inside the future, so Ive bookmarked your weblog. But I couldnt just bookmark it, oh no.. When I see quality websites like this one, I like to share it with others So Ive created a backlink to your web site (from 657283

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

اخر الأخبار :