مؤشرات نجاح البرامج الرمضانية المغربية  المحلية بين التدني و الإستحسان …                             

1723 مشاهدة

مؤشرات نجاح البرامج الرمضانية المغربية  المحلية بين التدني و الإستحسان …                             

 

دأب المشاهد العربي والمغربي على الخصوص على انتظار و ترقب شهر رمضان لاستجلاء جديد الإبداع الفني والدرامي وتحليل وتجويز ما هو جديد منها مستساغ وما هو رديء تافه ركيك لدرجة الاستهجان.غالبا ما وصفه المغاربة المتتبعون بالحامض أو الحموضة .وهو موعد أيضا للقنوات العمومية والخاصة لعرض كشكول برامجها لحد التنافسية في فضاء سمعي بصري مفتوح لجلب أكبر عدد ممكن من المشاهدين وتحقيق أعلى نسبة مشاهدة.كما ألفنا خلال السنوات الماضية برامج ذات نسبة عالية من الحموضة لحد الارتداد أو الاجترار وهي حالة غالبا ما تتكرر و تتجدد كل موسم رمضاني جديد ولذلك أسبابه ومبرراته تتأرجح بين قلة التجربة لبعض كتاب النصوص أو عدم حنكة وكفاءة بعض الممثلين أو لقلة الدعم المالي لتلك الانتاجات . وغيرها من الأسباب المتعددة .           والملاحظ خلال هذا الموسم هو انخفاض معدلات نسبة الحموضة في أغلب انتاجات هذه السنة و بالتالي تدني وهبوط مستوى درجة الغضب لدى المشاهدين وانفلات العديد منها من مطب الانتقادات أو العزوف التام عن مشاهدتها ومتابعتها .حيت نجحت العديد من هذه الأعمال في تخطي مستوى الرداءة إلى مستوى القبول والاستحسان وجلب العديد من المشاهدين لتتبعها على مختلف المنابر وحتى المنصات الرقمية وتحقق بذلك نسبة مشاهدة عالية .

الظاهرة الشبابية دعامة الجودة والتميز ….

و خلال التنوع الحاصل هذا الموسم في مختلف العروض المقدمة عبر هذه القنوات بين الكوميديا و الدراما و أخرى متنوعة بتنوع الأذواق ،ظهرت أعمال درامية جديدة بالإضافة إلى مواسم ثانية جديدة لبعض الانتاجات التي عرفت نجاحا في الموسم الماضي، فانطلاقا من مسلسل « سلمات أبو البنات » العمل الدرامي في موسمه الثاني والذي حاول لمس أهم القضايا الاجتماعية الحساسة و خلخلتها في الواقع المغربي متمتلة في البيدوفيليا و التحرش الجنسي و الإجهاض السري … و طرحها بشكل جداب و مثير فتح حولها حوارات من نقاش و تفكير من إخراج هشام الجباري، كذلك المسلسل الدرامي الاجتماعي « الماضي لا يموت »  في صور أسرية و علاقتها مع بعضها بتأثيرات اجتماعية مختلفة و صراعات نفسية كبيرة بأبعاد انتقامية، وهو من إخراج هشام الجباري ، ثم مسلسل « بنات العساس » من إخراج إدريس الروخ ، والمسلسل الدرامي « باب البحر » إخراج شوقي العوفير، مرورا بالمسلسل الدرامي الاجتماعي « دار السلعة » من إخراج محمد أمين ، والمسلسل التراثي « سالف عذرا » الذي طرح مشكل الظلم و معانات المرأة داخل منظومة اجتماعية معقدة بكل مكوناتها وهو من إخراج المخرجة جميلة البرجي بنعيسى صاحبة الخط التحرري الملتزم و الدراما الكوميدية « دايزو القوام » إخراج إلهام العالمي ، وصولا بهذه الأعمال إلى بعض المسلسلات الكوميدية و التي تأرجحت بين الجيد و الضعيف، كسلسلة « أحلام سيتي » لمراد الخودي و سلسلة « الفد TV  » لعبد الحق الشعبي و سيتكوم « قيصارية اوفلا » و « قهوة نص نص » و « كلنا مغاربة »، التي سقط بعضها في النمطية و تكرار المواضيع.

كل هذه الأعمال الفنية و غيرها ما كانت لترى النور لولا الجهود التي بذلت من اجل ترصيصها على يد جملة من الممثلين و المخرجين خصوصا منهم الشباب الذين استفادوا بشكل كبير من هفوات و أخطاء ما سبقهم سواء على مستوى الكتابة و تنوع مواضيعها و الاجتهاد و التجديد وعلى مستوى التشخيص والإخراج احترمت معايير الجودة و الإبداع و احترام المشاهد الذي ظل يعاني سنين طويلة من الميوعة و شدة الحموضة العالية، إضافة إلى دقة وحساسية المواضيع و الجرأة في لمسها و الخوض فيها بعدما كانت محصنة بعدة دروع و أفكار واهية متجاوزة إلى حد ما دون إغفال حبكة سيناريوهات جل هذه الأعمال التي برع فيها بعض الممثلين إلى حد بعيد وأخص بالذكر والتنويه هنا بالظاهرة الشبابية سواء على مستوى التمثيل أو الإخراج  بأداء جيد و مبهر أبانت من خلاله على علو كعبها في هذا المجال و تنبئ بمستقبل جيد في مسارها الفني .

 أوراق لابد من ترتيبها…

على الرغم من ذلك كله فلازالت هناك بعض الهفوات و الثغرات و الأخطاء البسيطة التي لامست بعض من هذه الأعمال و لم تلمس المضمون بشيء اللهم على مستوى التموضعات أو الإطالة أحيانا في بعض المشاهد …أيضا بعض السيتكومات التي لازالت لم ترقى بعد للفرجة الهادفة ذات البعد الإجتماعي لهموم المشاهدين .إضافة إلى تكرار نفس الوجوه لنفس الأدوار وتشابه أو إعادة نفس المضامين وهزالة السيناريوهات وتفاهة المستوى أحيانا أخرى، مما جعلها ضحية السطحية والنمطية .                                                    وأخيرا تبقى الأذواق الفنية مختلفة و متنوعة لأنه من الصعب خلق وإنتاج نسق أو ائتلاف متناغم ومنسجم في أبعاده الفنية والكتابية والتقنية العملية والبشرية.وتبقى انتاجات 2021 الفنية الرمضانية قفزة نوعية نجحت على أكثر من مستوى في تلبية وإرضاء المشاهدين وأذواقهم المتنوعة والمختلفة ، وعليه يمكن القول إجمالا أنه موسم المصالحة وإعادة بناء الثقة بين الانتاجات الفنية والجمهور المغربي في انطلاقة نتمنى أن تكون شاملة لمختلف مكونات الأعمال الفنية المغربية …

اخر الأخبار :