
في زمن تغزو فيه التكنولوجيا والثقافة السريعة عقول أطفالنا، تبرز لعبة “لوبوبو” كظاهرة ليست بريئة كما تبدو. ليست مجرد دمية عادية، بل قنبلة مموهة تغرس في نفوس الصغار مشاعر لا يفهمونها، وتفتت توازنهم النفسي، فتتحول إلى لعبة، لكنها في الواقع فخ نفسي مهلك.
في كل ركن من أركان البيوت والمدارس، تتسلل “لوبوبو” بهدوء لكنها بثقل. طفلك الذي يلعب بها لم يعد كما كان؛ أصبح أكثر توترًا، أكثر انزعاجًا، وكأن اللعبة تسيطر عليه من وراء الستار. لم تعد اللعبة مجرد أداة للترفيه، بل أصبحت رمزًا لثقافة استهلاكية تلتهم البراءة وتزرع الاضطراب.
الظاهرة انتشرت كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل، من تيك توك إلى إنستغرام، حيث يعرض الأطفال مفتونين فتح العلب الغامضة، بينما يكبر الهوس ويتعاظم الضغط للامتلاك، حتى وصل الأمر إلى بيع دمى نادرة بأسعار فلكية في أسواق غير منظمة.
ما يثير الريبة هو أن “لوبوبو” ليست مجرد دمية، بل مشروع تسويقي محكم يرمي إلى استغلال ضعف الطفل في الحاجة للانتماء والتميز، في حين أن أهلهم يتبعونهم دون وعي، غارقين في دوامة من الإنفاق والتبعية العمياء.
والنتيجة؟ أطفال ينزلقون نحو سلوكيات غير مفهومة، يرفضون النوم بدونه، يحكون إليه كأنه كائن حي، ويستنسخون مشاهد من السيطرة الهستيرية والتصرفات الغريبة التي تنتشر على الإنترنت.
نحن لسنا أمام لعبة فحسب، بل أمام ظاهرة تخترق الأركان الحساسة للطفولة، وتستهدف تكوين أجيال مقيدة بأغلال الاستهلاك، مهزوزة في ذواتها، معرضة لضياع الهوية والفراغ العاطفي.
فهل سنقف متفرجين بينما تتآكل براءة طفولتنا أمام لعبة تبدو بريئة، لكنها تحمل في طياتها وجهاً شيطانياً لا نراه؟
الساعة تدق، والقرار بين أيدينا: إما أن نعيد للطفولة قيمها ونوازن بين اللعب والمتعة والتنشئة، أو نترك “لوبوبو” وأشباهها تسرق منا مستقبل أجيالنا.




