لا عذر لممارسة القتل مرتين في حق ضحايا الجشع المالي والنفوذ السلطوي

2061 مشاهدة

لا عذر لممارسة القتل مرتين في حق ضحايا الجشع المالي والنفوذ السلطوي

 

لا عزاء في ضحايا القتل غير الرحيم بطنجة سوى بالمحاسبة والعقاب

 

– تتعدد الأسباب والموت واحد، فمن لم يمت بالغرق مات بغيره، غير أنه اذا لم يكن من الموت بدٌّ فمن المُهين أن يموت المرء حقيرا، وفاجعةُ طنجة مثلها مثل باقي الفواجع في بلادنا التي أودت بكرامة الإنسان قبل سلْب الحياة، وتم تقييدُ جريمة القتل فيها ضد ظَرْفٍ يُؤبِّدُه التساهلُ والإفلاتُ من العقاب، تسائل عن حدودَ الموت والحياة لدى كل مغربي يكدَح لتأمين لقمة الخبز اليومي.

 

فسجناء سرداب طنجة الذين قضوا تحت السيول ماتوا رهائن خبز حافٍ، وماتوا قبل أن تدركهم المنيةُ. ماتوا ميتتهم الأولى حين ساقتهم إلى مصائرهم أقدار بلد لا يخفى على المسؤولين فيه شيء ولا يفوتهم حسيسٌ ولا همسٌ ولهم عيون وآذان في كل مكان يسمعون الدبيب على الأرض والوطءُ خُفوت، ويرون الخفي المستور والظلامُ عليه سُدول… وحين يشاءون يكونون للجشع المالي حجابا مستورا.

 

الجشع المالي والنفوذ السلطوي، صِنوان للفساد في بلادنا التي تهزها الفضائح وترجّها الفواجع التي تنفطر لها القلوب وتنشق لها السماوات وتنتثر لها النجوم  وتنهدّ الجبال والأرضين من تحتها تتزلزل ولا يعصف كل ذلك عصفا بكرسي وبمَنْ يجلس عليه ولا يقصف مكتبا ويطيح بقاطنيه، أو يحي ضمير مسؤول ويبعثه بعد إذ هو رميم.

 

فاجعة طنجة مسبوقة، وهي ليست حالة معزولة وليست الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل استمرار واقع تجمَّد على تعطيل القانون وعلى الإجهاز على الحقوق وعلى إهمال المحاسبة وعلى الإفلات من العقاب… ولا عزاءَ للمغاربة في كل ضحايا الفواجع من قتلى حرائق المعامل وحوادث الطرق والكوارث والغرق والهجرة السرية والإدمان والجريمة … سوى بوضع السدود في وجه السيولة رشوةً وريعاً ونفوذاً وسلطةً وواسطةً وغيرَها وهي وسائل القتل غير الرحيم في حق شعب تتربص حكومتُه كل حين بكرامته التي ما يفتأ يتحسسها حتى تسلبه إياها.

 

فلن يُقبل بعد اليوم تقديم الأعذار تحت أية طائلة للفتك بأرواح المواطنين وممارسة القتل في حقهم مرتين أحدهما بالتفقير والتجويع والإكراه وكل صنوف الاستغلال والمرة الثانية تمويتا.

 

ولن يكون مقبولا تجرُّعُ مرارة الفواجع المرة تلو الأخرى والمسؤولون في فجوة منها لا يُحاسَبون ولا يُعاقَبون ووحده الشعب المقهورُ المغلوبُ مكلومٌ يندب حظه أن تَسَلَّطَ عليه مَنْ ليس في نفسه ذرة إحساس يدفعه للاستقالة مما أنيط به ولا قِبَلَ له مما أحاطت به خطيئاتُ الذين تحت إمرته…

 

ولا أعجب في بلدنا إلا من كل هؤلاء الطواطم الذين انتصبوا في المحاريب أرباباً يكلِّمهم الله ولا يسمعون، يمسكون بالدنيا عنها لا يصدعون ولا ينزفون والناس يحسبونهم شيئا مذكورا ولهم عابدون… وإنه لَتَبّاً لعصر فيه مسؤولونا لا يستحيون!

 

اخر الأخبار :