في الذكرى ال20 لتفجيرات برجي التجارة العالمية في نيويورك، هذه تفاصيل محاكمة هامبورغ

1727 مشاهدة

في الذكرى ال20 لتفجيرات برجي التجارة العالمية في نيويورك، هذه تفاصيل محاكمة هامبورغ

تستأذن هيئة تحرير مؤسسة مراكش الإخبارية التي تبث موقع مراكش7 الإخباري جريدة العلم والزميل عبد الواحد الطالبي بمناسبة الذكرى العشرين ليوم نيويورك الدامي الذي شهد تفجير برجي التجارة العالمية وأودى بحياة أكثر من 4 آلاف شخص بريء وكان للحادث ما بعده من تطورات وأحداث على مستوى العالم ماتزال تداعياته قائمة إلى الآن ومازالت كثير من الأسئلة تثار حوله لا تجد لها جوابا

 وليس لمراكش7 في إعادة نشر هذا الحوار المشوق بالسرد المثير من أرشيف صحيفة العلم على حلقات يومية، هدف ينكأ جراح ما مضى قبل عقدين من الزمن، ولا لها غاية من الاسترجاع سوى الانخراط في أجواء التضامن العالمي ضد الإرهاب نشدانا للسلم والأمن العالميين

 

في الذكرى ال20 لتفجيرات برجي التجارة العالمية في نيويورك

 

هذه تفاصيل محاكمة هامبورغ

جلسات صريحة مع  امزوضي تكشف لأول مرة تفاصيل أحلام صغيرة وبطولة كبيرة

تنقلها مراكش الإخبارية عن أرشيف الزميلة جريدة العلم وتعيد نشرها في حلقات

 

إنجاز: عبد الواحد الطالبي

 

لمزوضي،عنوانُ قصة شاب فقَأَتْ شمسُ الغرب عينيه اللألاءتين بماء متجمد كالجليد، وسرقتْ منه أيامُ الشَّمال حلمَه البسيط بساطة الأطفال حين يلعبون ووزعته بين قصاصات الجرائد وصكوك الاتهام، ورمت به إلى الظلام يسير ولا يعرف إلى أين.

 

قصةُ بطل داهمته البطولةُ في معركة حرب شرسة ضد الإرهاب لم يكن أبدا طرفا فيها ولا معنيا بها وساقه أثناء حمي وطيسها واستعارِ أُوارها قدرٌ محتوم إلى غياهب السجون وحكمَ عليه ألا يكون إلا بطلا بالصبر ومجاهدة النفس على تحمل البلوى ضد طاغوت كونفوشيوسية مزعومة لا يرى الحاكم بأمرها الإرهاب إلا في كل ذي لحية بسحنة عربية يؤدي فرائض الصوم والصلاة .

 

عاش المزوضي لا يرفع ناظريه عن آيات في مصحف أو موضوع في كتاب أو درس في دفتر أو مقرر؛ ولا يبرح حجر أمه أو يدلف خارج بيت أسرته إلا ليتلقفه حضن جده أو ليرتع في حقول مزوضة ضاحية مسقط رأسه على بعد 85 كيلومترا إلى الجنوب، وعندما خطا أطولَ، رسم خارطة الطريق في هجرة العلم والتحصيل نحو ألمانيا وتوقف بهامبورغ مسرح أحداث مفترضة ليوم أسودَ دامٍ في أمريكا دشن لعهد جديد في تاريخ الإنسانية بالحروب والتقتيل والتذبيح والهتك والانتهاك، وكان المزوضي أحد ضحاياها وواحدا ممن أثثوا مشهدا ساخرا لمطاردة دَغْلِ لحية، شخصياتُه أبطال من لحم ودم همْ أجهزةُ أمنٍ ومخابرات وهيئةُ حكم ٍيلهثون ولا يُدْركون كَدونْ كيشوت يحارب طواحين الهواء، والمزوضي بقامة قصيرة وجسم مكتنز معتدل ماثلا في قفص الاتهام هادئا واثقا يمسِّح بلحيته موضوع صك الاتهام.

 

من مراكش إلى هامبورغ رحلة محفوفة بالذكريات والمغامرات لطفل مغربي دلول مغمور وسط دروب المدينة العتيقة، موثَّقٍ بأصول تربية محافظة نمطية رسختها قيم الأسرة التقليدية والمدرسة الوطنية، يَفِعَ ولما يكدْ حتى طَبقَتْ شهرتُه آفاق الدنيا تشغل الناسَ أخبارُهُ مغربياً على صفحات الجرائد وفي كل وسائل الإعلام الدولية والتقارير الأمنية إرهابيٌّ خطيرٌ مطلوبٌ رأسُه على مقصلة سياف جال حواشينا من الشرق الأدنى إلى الشرق الأقصى مرورا بالشرق الأوسط والمغرب العربي يجدع الأنوف أو يقطع الرؤوس.

 

يعود المزوضي مكلوما بجراحات لا التئام لها إلى مراكش، ويشرَدُ في رحلة مسافتها مساحةَ العالم متأملا يناجي نفسه؛ هو بين أهله وليس معهم، لم تستطع مشاعر التضامن وأجواء الدفء التي دثرته بها الأسرة أن تستلَّهُ من عمق ذاكرة موشومة يسترجع منها تفاصيل حياة الهوان وجزئيات المعاناة والمأساة في صمت ناطق التقطت العلم كل حواره الداخلي وتنقله إلى قرائها ببساطة التعبير وبراءة الإحساس الذي انفجر منه، تأكيدا لموقف حاسم أن المغاربة الذين نشأوا على أسس التربية الوطنية في البيت والمدرسة بقيم التسامح والتعايش والاعتزاز بالهوية الدينية والقومية لا يمكنهم أبدا أن يكونوا إرهابيين أو مناصرين للعنف.

 

لســت إرهابيــا أنـا فقــط مغربــي

لا أنكر علاقتي بمنفذي التفجيرات:

محمد عطا الأمير محاور لبق وزياد الجراح مجتهد متفوق  ومروان الشحي طيب بشوش

 

السياســة قـذرة والحــرب نجاســة

 

الحلقة الأولى

أحلام صغيرة

 

لم أنشغلْ بما هو سياسي، ولم تجذبْني السياسةُ إليها لأنها لم تكن من صُلْب اهتمامي. كان أقراني من أبناء حي القصبة في مراكش الذي نسكنه في درب اشتوكة يختلفون إلى نادي حزب الاستقلال بعرصة المعاش ويترددون على دور الشباب، وكنت منصرفا إلى الدراسة، رافلاً في بحبوحة الدلال ببيتنا مع إخوتي الخمسة وأمِّنا؛ لقد كنت أصغرَ أخوين وثلاثَ أخوات.

 

وككل الناس داهمتْني السياسة ذات خميس مشمس من أيام فصل شتاء بارد عام 1991، وأنا تلميذ واقفا صباحا أمام ثانوية ابن عباد التي أغلقت أبوابها إثر قرار رسمي قضى بتعطيل الدراسة في المغرب أسبوعا ثم أسبوعا آخر بسبب حرب الخليج. كان بعض تلاميذ زُمَراً متفرقة وكنت وحدي أكتشف لأول مرة قِصَرَ قامتي، انْتَحيْت رُكْناً قبل أن أنصرف والتلاميذ يتهيأون للتجمهر للتعبير بالهتاف والاحتجاج عن مشاعر لم تتمَلَّكْني ولكنها انخرَطَتْ بي في أجواء المتابعة الإعلامية لأطوار الحرب كما ينقلها التلفزيون المغربي. بقيت بعيدا عن كل ما من شأنه أن يلهيني عن القراءة وعن التعليم، وكانت السياسة تثير فِيَّ بعدئذ إحساسا بالخوف والرهبة، لأنها ارتبطت في خاطري بالحرب.

 

ملعونةٌ السياسةُ وقذرة،أشعر أن الحروب التي تشعلها تُدَنِّس طهارة الِوْزرَة البيضاء التي أتوق إلى ارتدائها طبيبا أحلم أن أكونَهُ، فقد كان حلم أن أصبح طبيبا يكبر معي منذ أن ولجت كتاب المُدَرِّر الفقيه السي محماد بحي القصبة، فروض الأطفال بنفس الحي ترعاني المعلمة السيدة نورا، ثم مدرسة المشور الابتدائية.

 

نوم في العسل

 

كل الأطفال مثلي كانوا يحلمون، وتسرق مهنُ الطبيب والمهندس وربان الطائرة أو السفين… أحلامَهم الصغيرة. تكبُرُ أحلامنا، نريد مَنْ نكون ويشاء الله ما نكون. مثلي مثل أقراني زملاء الفصل وأصدقائي أبناء الدرب في الحي، صرنا إلى غير ما شئنا: توفيق أبو شادي أصبح إطارا في القطاع السياحي، وعبد الخالق الأمغاري أستاذا، وتوفيق السنوسي مهندسا، وخالد تورحام مدرسا، وغيرنا سبقنا للهجرة إلى الخارج في أوروبا وأمريكا، فلكل كانت هجرته. الهجرة أيضا كانت حلما كما مسؤوليات رب البيت التي تقمصنا أدوارها صغارا أولادا وبناتا في لعبة العريس والعروس قبل أن نصبح يافعين.

 

ليس غير مهنة الطبيب تمنَّيْتُ أن أكون، حتى إذا وأنا في الصف تتفَتَّقُ مواهبي العلمية، وتتوفَّقُ نتائجي الدراسية بمدرسة العيون الإعدادية، وَلاّني مدرس الفيزياء الأستاذ لمباركي قبلة ارتضيتها، فانتحيْتُ وجهة الدراسة التقنية وشغُفْتُ بكل مادة ذات صلة وواظبت، فرُمْتُ التخصص في التقنيات مهندسا.

 

ما تزال توجيهات أستاذي تصدَعُ في مسمعي وتجِد صداها في فؤادي، أن الهندسة مستقبل بلادي، وأنه ليس بعدَ ما في ألمانيا مِنْ علوم التقنيات والهندسة، تقنياتٌ أو هندسةٌ.

 

انجذبت إلى حلم جديد، ونُمْتُ فيه نَوْمَ الشهدِ في العسل: أَصير مهندسا وأتخرج من ألمانيا.

يتبع

اخر الأخبار :