سلسلة أيقونة حوار الثقافات الحلقة 4 : الصياغة صناعة اليهود المغاربة بامتياز

4273 مشاهدة

سلسلة أيقونة حوار الثقافات الحلقة 4 :  الصياغة صناعة اليهود المغاربة بامتياز

 

 

يواصل موقع مراكش7 نشر سلسلة المغرب أيقونة لحوار الثقافات والتي يعدها الزميل عبد الواحد الطالبي ، فبعد الحلقات الماضيات :

 

الحلقة 1 : مظاهر فن العيش المغربي من خلال التأثير العبري

الحلقة 2 : الزي المغربي التقليدي استوحي تفصيلاته من لباس الأحبار اليهود والرهبان المسيحيين

الحلقة 3 : تشابه الطقوس ووحدة العادات في المزارات عند المغاربة مهما اختلفت دياناتهم

 

ندرج الحلقة الرابعة حول موضوع :

الصياغة صناعة اليهود المغاربة بامتياز

اليهود ساهموا في أناقة المرأة المغربية وفي تأثيت بيتها بالأواني الفضية والنقوش العبرية

 

اشتهر اليهود المغاربة في بلادهم بالحذق والمهارة في صنع الحلي والجواهر وصياغة الذهب والفضة وكانوا لهذا السبب في صميم كل بيت مغربي وكانت لهم علاقات وطيدة بنساء الأسر اللواتي يعتنين بزينتهن ويحرصن على الظهور بأجمل صورهن.

 

وكانت الصواني والأواني الفضية هي كذلك صناعة تفنن اليهود المغاربة فيها من شدة حرص مجتمعهم على أن تكون الصينية ومتاعها من أثات البيت وجهاز العروس، حولها تتحلق الأسر وتتداول في كل ما يهم شؤون الحياة اليومية ويتعلق بالعائلة.

 

وتضمنت فنون صناعة الذهب والفضة في المغرب عددا من النقوش والرموز والعلامات ذات الدلالات الدينية والثقافية والاجتماعية المرتبطة بالمعتقد اليهودي والتي تعكس الثقافة العبرية.

 

لا غضاضة من النجمة السداسية

 

 

 

ولم يكن المغاربة يجدون غضاضة في النجمات السداسية التي توسطت الصواني الفضية من نوع (الرايت) او الاقل قيمة ومعها متاعها من اواني السكر والشاي والنعنع.

 

كما لم تثر مشاعر النساء المسلمات وأزواجهن الايقونات التي حملنها على صدورهن والتمائم التي صنعها اليهود للحفظ من العين والسحر بمرجعيات دينية ومعتقدية يهودية.

 

فقد كانت القيم التي تؤطر المجتمع المغربي متسامحة مؤمنة بالتعايش، قاعدتها ما ورد في الآية الكريمة « لكم دينكم ولي دين »فلم يكن اليهودي مجبرا على التخلي عن دينه ليتم التعامل معه كما أن (الملاح) في المغرب لم يعد حيا مغلقا في وجه غير اليهود.

 

تساكن اليهود والمسلمون في المغرب بطيب المعاشرة وحسن المعاملة، وهذه التوليفة انعكست على كثير من مظاهر فن العيش في البيت المغربي ومنها صياغة الذهب والفضة التي لن يجد الملاحظ صعوبة في تسجيل كثير من الرموز والإشارات والعلامات في نقوشها وتخريماتها تعايشا بين الدلالات الاعتقادية لدى المغاربة مسلمين ويهودا.

 

هي الثقافة المغربية عبرية وعربية

 

ولم يكن المسلمون يتعاطون قديما لهذه الصناعة التي كانت حكرا على اليهود ومع ذلك لم يتعصب الصناع لمعتقداتهم كانوا الى جانب نجمة داوود ينقشون في الأواني الفضية أشكالا هندسية خماسية الاضلاع عبارة عن نجمات ورسوم جمالية ويصوغون تمائم عبارة عن يد وعين وطواطم تطرد النحس وتجلب السعد في المعتقدين الاسلامي واليهودي.

 

 

واستطاع هذا القبول بالآخر لدى كل طرف أن يوسع علاقات المثاقفة العربية العبرية لتشمل عددا من المظاهر التي يحتاج البحث عن أصولها في الثقافة المغربية الى دراسات أنتروبولجية وتاريخية عميقة لاسيما عند ملاحظة التشابه الكبير في عدد من العادات والتقاليد والطقوس في التقرب والاحتفال وغيرها بين الطائفة اليهودية وعموم المغاربة المسلمين.

 

لا نزعة تعصبية للنقوش والعلامات العبرية في المصوغات الفضية

 

يقول السيد جاكي كادوش « إنه يكاد في المغرب يصعب التمييز بين مسلم ويهودي مغربي لأن الديانة وحدها هي الفاصل، فالفريقان يعبدان الله ويوحدانه وكلنا نؤمن بالوطن »؛ مشيرا الى أن تاريخ الوجود اليهودي في المغرب يعود الى اكثر من ١٣٠٠ عام صهرت سنينُها وأعوامُها الثقافةَ العبرية في الثقافة المحلية وتفاعلت مع كل الثقافات الاخرى الاسلامية والأندلسية والمتوسطية والأفريقية والصحراوية في بوثقة واحدة هي الثقافة المغربية.

 

وأكد كادوش في أن ما ميز صياغة الفضة والذهب من نقوش عبرية ليست ذات اية نزعة للتعصب مشددا على ان الفن بصفة عامة ومنه هذه الصناعات المعدنية المغربية تعبير فطري قابل للتأويل ولكن التأويل بالضرورة ليس كشفا لنوايا الفنان أومرآة لحقيقة نفسه.

 

 

واستدرك أن تعاطي اليهود لصناعة الصياغة التي أبدع فيها المغاربة ارتبطت حقيقة بالمعتقد اليهودي الذي ورد بشأنه في التوراة وجوب ارتداء الحَبر الأكبر صدريةً موشاة باللآلئ والياقوت ومختلف الأحجار الكريمة ورداءا مطرزا منمقا بالذهب (الصقلي) ولهذا كانت صناعة الحلي والجواهر وصياغة السبائك ذهبا وفضة صناعة يهودية بامتياز.

 

ونفى كادوش أن يكون اليهود المغاربة احتكروا هذه الصناعة ولكنهم كانوا اغلبية في الصاغات واشتغلوا معهم في ورشاتهم مغاربة مسلمون هم أيضاً عندما تولوا هذا القطاع بأغلبية حافظوا على تلك النقوش والرسوم التي توصف انها ذات دلالات وحمولات دينية يهودية.

 

المرأة سر تفوق اليهود في صناعة الحلي والجواهر

 

 

وأضاف أن أحد أهم أسرار عناية اليهود بصناعة الحلي والجواهر هو شغف المرأة بالزينة واهتمامها بالحلي كمظهر من مظاهر إكمال أناقتها وجمالها لافتا الى أن المرأة ركن رئيس في البيت اليهودي وهمٌّ يومي للرجل اليهودي من أجل إرضائها وتلبية رغباتها وتطييب خاطرها بكل ما يلين نفسها ليجعل ذلك الركن زاوية للسكينة والطمأنينة.

وما تزال الصياغة في المغرب صناعة يهودية بامتياز رغم اكتساح المغاربة المسلمين لقطاعها وقطاع المتاجرة فيها، لأنها ورثت أصالة الصناعة من يد الى يد تتطور في اطار المحافظة على الموروث الذي الى اليوم يصر على مقاومة التغيير في نقوشه ورسومه وتخريماته سواء في الأواني الفضية للبيت المغربي او في الحلي والمجوهرات.

 

اخر الأخبار :