رهان التغيير على نخب مجربة كركوب قطار لا يصل في الموعد من محطات أخرى
1878 مشاهدة
من عبد الواحد الطالبي -(مراكش7)
طلعت لوائح الترشيح المقدمة للانتخابات الجارية المقرر الاقتراع بشأنها يوم 08 سبتمبر المقبل، بجيل من الرجال والنساء لا صلة لهم بالنضال السياسي في الأحزاب التي يطلبون ثقة الناخبين باسمها ويدافعون عن برامجها بلا مرجعيات تؤطر هذا الدفاع في معترك البرامج والأفكار.
وفضحت هذه اللوائح فقر الأحزاب من الأطر المؤهلة لخوض معارك الأفكار والرجال ومعهم النساء، وكشفت في الميدان واقعا تتستر عليه بالنزال على مستوى صفحات الضوء في العالم الافتراضي لمواقع التواصل الاجتماعي الذي تحصي من خلاله آلاف الأتباع لا تتحوز منهم عمليا على الأرض غير أنفار وقلَّة.
ويتبارى في ساحة التنافس الانتخابي أشخاص يقودون كتائب مهزومة بضعف التكوين وهشاشة التأطير وغياب الخبرة وانعدام الحافز لا انتماء لهم وبغير هوية سياسية أو حزبية سوى ما أقنعهم به وكيل اللائحة التي انضموا إليها على غرار قائدهم الذي انضم هو أيضا إما مأجورا أو مُعارا أو مخصوصا بحظوة قائد كبير.
وغاب عن المعترك الانتخابي المناضلون الذين تمرسوا بالصراع في مضمار التنافس على المواقع داخل التنظيمات الحزبية وفي المعمعان الديمقراطي، والذين كانوا لا يستنكفون الترشيح النضالي ضمن اللوائح التي يقودها القادة الحقيقيون الذين يجعلون ساحة الانتخابات ميدانا للكر والفر والإغارة ويكون النزال فيها بالبطولات التي لا يشق لها غبار والتي تكاد لا تنتهي على مدى سنوات من المماحكة في استرجاع تاريخ المعارك الديمقراطية.
ما تزال المعارك قائمة ولكن أبطالها شخصيات من ورق، تتوزعهم الأهواء من حزب الى حزب ومن كتيبة إلى كتيبة في ميليشيات الارتزاق التي لا قضية تؤمن بها ولا مبدأ تنطلق منه ولا موقف تدافع عنه غير صياح حناجر لتهييج الحشود في مهرجانات السير بين الدروب والأزقة تمشي على ركام الورق الذي يعفر الوجوه ويجعل أصحابها تحت الوطء يداسون بالأقدام.
اهتم المرشحون بوجوههم وبهيئاتهم متوسلين بكل تقنيات التجميل والتحسين في توضيب تقني لإخراج دعائي مبهر مع قليل من الاحتيال في الصفات التي تقدموا بها للناخبين ينتحلونها انتحالا يعاقب عليه القانون أو يُعَوِّمونها تعويما مهنيا في اطار المجتمع المدني والقطاع غير المهيكل، وتنافسوا في معرض الصور بالحسناوات الشقراوات وبالنَّضارة والفتوة والشباب وبالألوان البراقة اللماعة الفاقعة التي ما تفتأ تبهَت.
كلهم شعاره المناصفة والإنصاف والكرامة والبديل الأحسن وإلى الأمام وغيرها من الشعارات الطنانة التي تمهد الطريق بدغدغة المشاعر إلى كراسي المجالس لفئة الريع الانتخابي التي تسللت إلى هامات لوائح الترشيح بعد أن هجرها المناضلون أو تم تهجيرهم منها بسبب هيمنة الفيئ وغلَبة الغنيمة في مفهوم المناضل المقاتل الذي تحول إلى المناضل المقاول.
إن الانتخابات الجارية مهما تهيأ لها من أسباب الممارسة الديمقراطية، تَقصُر أن ترتقي إلى معركة التنافس السياسي بالبرامج والأفكار في ظل هجرة الكفاءات والأطر للعمل الحزبي واستنكاف الشباب من الممارسة السياسية الحق في إطار تنظيمات تضمن حق التناوب وتؤمن بقدرات الخلق والابداع لبناء الوطن، وإفراغ الشعارات من مضمونها وتسويقها جوفاء لمصالح ذاتية لفئة متحزبة خلعت بزة المناضل وارتدت بدلة المقاول.
وإن هذه الانتخابات بما مكنها المشرع من الصيغ الجديدة والقوانين المؤطرة لها مع ما توفر لها من إمكانيات لوجيستية ودعم مادي وإداري، لا أفق ديمقراطي يصاحب نتائجها وفق الطموح الوطني للدولة في إفراز نخب سياسية قادرة على كسب الرهان ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية في إطار المشاريع الإصلاحية والبرامج التنموية للعهد الجديد بقيادة عاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس.
فالقطار الذي يصل الى محطة الوصول متأخرا سيبقى على موعده حتى ولو تم تغيير محطة الانطلاق تماما كاللعب بالبيادق على رقعة شطرنج التي وإن تغيرت مادتها فإن قواعد اللعب لا تتغير… فهل يكون يوم 09 سبتمبر 2021 موعدا للتغيير؟ سؤال ليس الأهم فيه الجواب قدر العلم أن المُعَوَّل عليهم في التغيير مجرَّبون وَخَبَرْناهم.