حديث عن الدكتوراه وما جاورها : الاعتراف الإشهادي ليس بضاعة تباع وتشترى!

1027 مشاهدة

حديث عن الدكتوراه وما جاورها : الاعتراف الإشهادي ليس بضاعة تباع وتشترى!
عشنا وشَهدنا زمناً تمكَّن فيه من هب ودب من الحصول على شهادة الدكتوراه التي أضحت تُمنح لمهنيين لم يتمرسوا في البحث ولا يفقهون شيئا في التكوين بالبحث من أجل البحث، يتباهون بها في مراكزهم ويتوسلون بها من أجل ترقيتهم، بل ومنهم من يلج بها هيئة التدريس بالجامعة ابتغاء امتيازات وهمية، أولها الهروب من مشقة مهنته في القطاع الخاص، ظنا منه أن الأستاذية مهنة مريحة، وجهلا منه بأنها رسالة قبل كل شيء؛ فيضيع معهم مستقبل البحث العلمي ويضيع معهم -بفعل ضَعفهم- مستقبل الطلبة الذين يمثلون أمل الغد  من باحثي وعلماء المستقبل.
 وآخرين منهم يلجأون إلى شراء شهادات دكتوراه من مراكز تكوين خاصة وطنية وأخرى بشراكات أجنبية يسيل لعابهما أمام ما يحصدونه من أموال من طالبي تلك الشهادة الوهمية المسماة ب »الدكتوراه في إدارة الأعمال »(DBA) فيسخرون من الوسائل الدعائية ما يوهمون به الناس، بل وحتى أنفسهم، بأنهم حصلوا على أعلى شهادة أكاديمية، وهم في الواقع إنما اشتروا بأموال باهضة مجرد ورقة لا تسمن ولا تغني من جوع. يكفي أن يطلع الباحث الجاد على محتويات تلك الأطاريح -إن وجدها- ومضامينها و مناهج البحث المعتمدة بها ليقف على ضعفها وهزالتها بل وفراغها من أي مجهود علمي ولا إسهام فكري يذكر ، ما يجعل منها سبة في حق البحث العلمي ببلادنا.
لا نريد أن نحبس أنفسنا هنا في توجيه أصابع الاتهام إلى هذا أو ذاك  لأن المسؤولية في هذا الباب واضحة حيث تتحملها الدولة عموما ووزارة التعليم التعليم العالي والبحث العلمي خصوصاً.
 إن منح المؤسسات الخاصة تراخيص تسليم شهادة الدكتوراه في رفع اليد على ضمان جودة البحث وجدِّيته التي تفتقد وتنْتفي عندما يصبح الحصول على الشهادة مقرونا بالمال.
ولا سبيل إلى تصحيح الوضع إلا بالعودة إلى :
– إخضاع تهييء الدكتوراه إلى مراكز دراسات الدكتوراه بالجامعة العمومية وحصر اعتراف الدولة على شهادات الدكتوراه المسلمة والمصادق عليها من طرف تلك المراكز ورؤساء الجامعات العمومية.
–  مراقبة الدولة لتكوينات تلك المدارس والمراكز التي جعلت من من MBA و DBA وسيلة للإثراء، وغربلة الساحة للتخلص من الوهمي منها الذي يتخذ من التكوين تجارة تغرق المجتمع العلمي والمعرفي في خضم الرداءة. إن الاعتراف الإشهادي ليس بضاعة تباع وتشترى بل استحقاق ينتزع بالكد والجد والتكوين الجيد والنتائج المتحصل عليها.
– تشجيع مراكز دراسات الدكتوراه الذي هو من باب تشجيع البحث العلمي والاستثمار فيه، من خلال منح الإمكانيات المادية للمختبرات وتشجيع حركية الباحثين داخل الوطن وخارجه وفتح قنوات لتيسير إسهام الباحثين -مغاربةً وأجانب البارزين في تخصصاتهم- على الإسهام في النهوض بالبحث العلمي بالمملكة ليس بالضرورة عبر توظيفهم بالجامعات المغربية بل من خلال آليات مبتكرة تجعلهم يحافظون على مراكزهم بالبلدان التي تكونوا فيها وبرزوا وإفادة الجامعة المغربية بخبرتهم وتجربتهم، وذلك حفاظا على الدينامية اللازمة لاستمرار الارتقاء حتى نصل إلى المستوى المطلوب …
 أقول هذا- وإن لم يعجب البعض لأن تقبل الحقيقة صعب على مجانبيها-  وهو لا يشكل سوى نقطة من فيض ما يكمن ملاحظته واقتراحه علّ ذلك يحرك ضمائر غَفَت ويسمع آذانا صُمَّت ويُبَصِّر عيونا عَمَت وعقولاً خَبَتْ …
اخر الأخبار :