الموت عطشا يهدد حوض تانسيفت والاستنزاف متواصل في مناطق الاحتياط الاستراتيجي للماء
1785 مشاهدة
زحف فلاحون ومستثمرون على الاحتياطات الاستراتيجية للماء في حوض تانسيفت يستنزفون مواردها بعدما أمسى الماء بسابق فعالهم في مواطنهم غورا، يمارسون النشاط الزراعي المدر للدخل بلا اعتبار لحق الأجيال القادمة في الحياة ولا في ظروف استقرار ساكنة اضطرها العطش للهجرة والرحيل عن بواديهم.
وشح الزرع وجف الضرع بمناطق في إقليم قلعة السراغنة والرحامنة والحوز ذبلت من شدة الشفط للمياه الجوفية وجلبها من الأنهار والوديان في غياب الرقابة وتجاهل شرطة الماء وبتواطؤ مع السلطات التي تغض الطرف عن التجاوزات الخطيرة لتوصيات الترشيد وللزراعات البديلة في المناطق المتضررة.
وكشف واقع الحال فشل البرامج الحكومية في إطار المخطط الأخضر الذي وزع ملايير الدراهم دعما لتجهيز الأراضي الفلاحية بما يحقق الحكامة المائية والغذائية والزراعية في إطار رؤية عشرية للتنمية المستدامة تضمن الاكتفاء والأمن والاستقرار وترجح كفة الميزان التجاري لمصلحة البلاد، لكن وبعد مرور أكثر من عقد برهن المخطط عن نتائج أهدافه التي لم تكن سوى في مصلحة الكومبرادور.
وبهذه السياسة اكتوى المواطنون بنار الغلاء الذي عم القوت اليومي وأضحت المعيشة معه ضنكا، وارتفع التضخم في ظرفية لا سبيل لتحملها من غير برامج ومخططات مدروسة ووطنية تضع ضمن أولوية أولياتها الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين واستقرار الأسعار وحفظ الأمن مع حماية الموارد الطبيعية وترشيد الاستعمال والاستهلاك حماية لحق الأجيال القادمة في ثروات البلاد وفي العيش والحياة فيها وليس لفائدة فئات الريع ومصلحة طبقات الفيء.
وتحولت وجهة مزارعين ومستثمرين ومنهم أجانب إلى تصدير مياه المغرب نحو الخارج عبر منتجات فلاحية كالعنب والشمام والبطيخ والليمون وفواكه متنوعة، من منطقة لبحيرة في نزالت لعظم ومن مايات في الحدرة والويدان وغواطيم وبعض لوداية وشيشاوة وكل هذه المناطق مهددة في مستقبل قريب جدا بالموت.
ومثل هذه المناطق كانت منطقة العطاوية والواد لخضر وزمران وبني عامر والرحامنة الجنوبية والأوداية وسعادة والويدان وشيشاوة التي سبق إليها الجشع المالي والنفوذ السلطوي لحفر الآبار بلا ترخيص وشفط الماء واختلاسه نهارا جهارا واستنزاف ثروته في سقي جائر ظلم العباد في أرضهم حتى هَجَّرَهُم منها.
وتحت طائلة هذا الواقع صارت حواضر جهة مراكش- أسفي محاطة بحزام البؤس والفقر مطوقة بالأكفان من أفق القفر والجذب المطل قريبا غير بعيد على أحواض وسهول وبراري كانت مراتع للماء والخضرة والوجه الحسن وإذا لم تتداركها الألطاف الإلهية فههي صحاري وبيد وماؤها مالح أجاج وقد كان عذبا زلالا.
وإن أخطر ما يواجه بهذا الواقع بلادَنا المقبلة على فرض نفسها قوة اقتصادية في محيطها الإقليمي وفي أفريقيا، ضغط العمالة الزراعية في سوق العمل الذي يشكو من ضيق واسع ورفع نسبة البطالة المرتفعة أصلا وضغط الهجرة القروية على المدن غير المؤهلة لاستقطاب اكبر ثم ما ينتج عن ذلك من جنوح لأجل تأمين العيش إلى الجريمة وتهديد الاستقرار.