الاستقلال بعد الانتخابات يصفي تركة الماضي ويحدث القطيعة مع حزب الزعيم ويحنط الحزب المحافظ
2995 مشاهدة
يستعد صقور حزب الاستقلال لتصفية تركة الماضي القريب الذي قاد بعض خصوم الأمس إلى مواقع القرار والقيادة في الحزب الذي ظل محصنا وراء متاريس نضاله التاريخي تحت ألوية رموزه الوطنية من الزعامات المرجعية، فيما تسعى القيادات الجديدة الى جعل الانتخابات المقبلة المحطة الأخيرة لإحداث القطيعة النهائية مع حزب الزعيم وتحنيط حزب الاستقلال المحافظ.
وليس ما يمور بشأن التزكيات والترشيحات من نقاشات وخرجات وما رافقها من تصريحات وبيانات سوى تحمية وتفوير للغلي الحامي المنتظر في أفق المؤتمر العام القادم والذي تسبقه التطلعات لتثبيت المواقع الحزبية من خلال المسؤوليات الحكومية والمواقع الوزارية.
فكل فئة من أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال استحكمت بدولاب من دواليب التنظيم الذي وزعت هياكلَه مصالحُ الأعضاء ومعهم بعض مناضلين الذين فقأت عيونَهم مطامعُ الجشع المادي والفيء الانتخابي يلهثون خلف الريع وفتات عملات الرأسمال التجاري الذي أزرى بالرأسمال النضالي في حزب كان رصيده جماهيريا بالقيم التي يحملها الاستقلاليون والمبادئ التي يدعون إليها وبالوحدة والتعادلية التي كانت ركيزة النضال لديهم في سياسة القرب مع المواطنين …
ووحده الأمين العام نزار بركة في مأزق الورطة لا يدري وإن كان داريا، يقدم الخطو أو ينتكص، لا سبيل في وجهه للعودة وأمامه طريق الصعود بالحزب إلى هاوية تبديد إرث الجد وثروة الأحفاد ألوكة ونقدا ذاتيا وإنسية مغربية إضافة إلى التفريط في ضمير الأمة الذي يسند شعار المواطنين الأحرار في الوطن الحر، وهو الذي ائتُمن في لحظة من الاختلاف الصحي والصراع الديمقراطي على المرجعية التاريخية للحزب الوطني المحافظ وليس وفقط على الكيان التنظيمي لحزب سياسي.
ويعتمل داخل دواليب حزب الاستقلال وفي تنظيماته اليوم نقاش بأسئلة حادة حول مستقبل طريقه طويلة ومعتمة في ظل الاستحواذ على الحزب بقوة النفوذ الانتخابي والتسلط المالي والتحكم السلطوي الذي استعانت به مرحلة ما بعد امحمد بوستة لحسم الصراع في اللجنة التنفيذية بين جيل تقاربت بينهم الأعمار وتصادمت الطموحات واختلفت المواقف وتنازعتهم الأنانيات فأطاح اختلافهم بكثير من القيادات التي كان يكون لها في تناوب مقعد الزعامة على مدى عقود لا يشكو فيها حزب الاستقلال عقم القيادة بكاريزما المرجعية النضالية والتاريخية.
وإذ يتحدث حميد شباط الأمين العام السابق عن « حزب الاستقلال في مفترق الطرق » وهو لا يطلق الكلام على عواهنه جزافا، ويدعو استقلاليين قادة ذكرهم بالاسم إلى تحمل المسؤولية وتحكيم الضمير والتحلي بالحكمة في ما اعتبره تهديدا لمستقبل الحزب وتقويضا لتاريخه وتبديدا لرصيده النضالي، فإنه انتقى ألفاظ قاموسه وعباراته مما عنى به من يقصدهم بوصف « التصحر » من أصدقاء الأمس وخصوم اليوم مؤكدا صفاء علاقته بنزار بركة.
وبدا شباط موقنا أن مؤسسة الأمين العام في حزب الاستقلال معزولة وسط الطوفان، أخذ يحذر بكل ما استطاع مستنجدا بالذاكرة وما استحضره من التاريخ البعيد والقريب لرجال المراحل الحاسمة في حزب الاستقلال الذين برز من بينهم شاب لكنه اسم كبير لعائلة مؤثرة هو عبد المجيد الفاسي.
لم يكن خروج نجل الأمين العام الأسبق القيادي الشبابي والبرلماني عن فئته، عفويا ولا حماسيا بل مرتبا ومخططا له بعناية في إطار خطة إنجاد لما أصبح به الوعي أوسع في أوساط الاستقلاليين أن حزبهم تم تهريبه وتمت سرقة نضاله وتاريخه وأن مستقبله محكوم بحاضره الذي استحوذت عليه جماعات الفيء الانتخابي.
وغير عبد المجيد الفاسي، تعج مواقع التواصل الاجتماعي والمراسلات الفورية بين استقلاليين بحديث الهمس والصخب بين التردد والإقدام على مبادرات (الصمود والتصدي) في مواجهة الدائرة التي تضيق على المناضلين الاستقلاليين من القيدومين والطموحين في التزكية باسم حزبهم للترشح برمز الميزان في الاستحقاقات القادمة ونيل ثقة الناخبين بحصيلة شعبيتهم وليس بأرصدتهم البنكية.
ويتوقع أن تدشن الانتخابات القادمة ونتائجها فصلا مثيرا ومشهدا مشوقا لصراع الأجنحة والاقطاب في حزب الاستقلال الذي ينبئ واقعه بتحول جذري في مساره على مستوى القيادة والتنظيم والبناء المؤسساتي والمرجعيات خلال المؤتمر العام القادم.