أطروحة تحلّل معالم الانتقال الديمقراطي في المغرب وتونس
1882 مشاهدة
ناقش الباحث علي المغراوي صباح يوم السبت 05 يونيو 2021 بكلية الحقوق بمراكش، أطروحة لنيل الدكتوراه القانون العام والعلوم السياسية في إطار مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، حول موضوع: « دساتير ما بعد حراك 2011، ومستقبل الانتقال الديمقراطي في المغرب وتونس، وذلك أمام لجنة مكونة من د.إدريس لكريني رئيسا ومقررا، ود.عبد اللطيف بكور مشرفا، ود.محمد الغالي عضوا ومقررا ود.حفيظ اليونسي عضوا ومقررا، ود.سعيد خمري عضوا ود.مصطفى الصوفي عضوا. وقد نال على إثرها الدكتوراه في الحقوق بميزة مشرف جدا.
استهل الباحث الموضوع بإشكالية رئيسة تمحورت حول سؤال جوهري مفاده، إلى أي حد يمكن أن تشكل دساتير ما بعد حراك 2011 مدخلا اساسيا للانتقال الديمقراطي بكل من المغرب وتونس؟ وقد اثار الباحث في ضوء هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات المؤطرة للبحث، كما طرح الباحث فرضيتين اساسيتين، جعلهما منطلقا للموضوع.
ووقف البحث التي اعده المغراوي على معالم الانتقال الديمقراطي في دساتير حراك 2011، حيث فكك السياق السياسي الذي أفرز بروز الدستورين المغربي والتونسي، وهو سياق ظل موسوما بديناميات الشارع المغربي والتونسي، التي تميزت بطابعها الشبابي السلمي المتنوع والطموح، وغاب عنها رأس وقيادة لإدارة الحراك،
واذا كانت العوامل الدافعة على قيام الحراك بكل من المغرب وتونس تنوعت بين الدوافع الاقتصادية والاجتماعية، فإن أهم مطلب ميز التجربتين المغربية والتونسية هو مطلب الإصلاح الدستوري مع وجود كثافة على الطلب الدستوري، والتعبير عن الحاجة الملحة للطبيعة العقدية بين السلطة والمجتمع.
وأبرز الباحث بمقاربة مقارنة أهم ملامح استراتيجية الإصلاح الدستوري بالمغرب وتونس، مفسرا المحيط السوسوسياسي الذي حكم منهجية اعداد الدساتير بكل من المغرب وتونس بعد 2011، ومن الخلاصات الأساسية التي توصل اليها بهذا الخصوص، ان الدستور في السياقات الانتقالية يستوجب وجود ارادة سياسية توافقية لتدبير المرحلة، حيث تنعكس هذه الارادة في رسم استراتيجية الإصلاح الدستوري، وقد كشفت الدراسة عبر تحليل النص الدستوري عن مجموعة من المؤشرات والمرتكزات الاساسية للانتقال الديمقراطي بكلا البلدين، ومنها التحولات الأساسية التي عرفتها طبقات الدستور المغربي، وخاصة فيما يتعلق بدسترة مؤسسة رئيس الحكومة واختصاصاته، الا ان الدراسة وقفت ايضا على المعيقات والكوابح التي تعيق عملية الانتقال الديمقراطي، ومنها الحاجة لتعاقد سياسي بين السلطة والمجتمع، من شأنه ان يؤسس لتفاهمات وتسويات سياسية دافعة نحو احداث انتقال حقيقي، مع ترجمة هذا التعاقد في وثيقة دستورية تضمن فصلا للسلط وتكرس الحقوق والحريات الأساسية ،
ومن اجل بلوغ هذا الافق الديمقراطي، اقترحت الدراسة مجموعة من المداخل وذلك في ضوء ما اثلته التراكمات النظرية في موضوع الانتقال الديمقراطي، وباستحضار خلاصات التجارب الدولية المختلفة،
ومن المداخل الأساسية التي وضعها الباحث، هناك المدخل السياسي التعاقدي، ومدخل العدالة الانتقالية كخيار استراتيجي يستلزم تحقيق انفراج حقوقي ومعالجة الانتهاكات المتراكمة، وتحقيق مصالحة وطنية لتهيئ مناخ مساعد على فعل سياسي متزن، وايضا اقترحت الدراسة مدخل العدالة المجالية، وذلك من خلال تطوير ورش الجهوية واللامركزية، بماهي فضاءات لتوطين التنمية، وذلك بتمكين الجهات من اختصاصات وسلط كافية لتنزيل البرامج التنموية، غير ان هذا المدخل يقتضي ايضا تأهيلا للأحزاب السياسية بما يعزز استقلاليتها حتى تؤدي وظيفتها في المجتمع تأطيرا وتوجيها وترسيخا للوعي وبناء للنخب القادرة على قيادة التغيير التاريخي.
وختم الباحث بالتأكيد على المدخل الاقتصادي والاجتماعي، على اعتبار أهمية الاختيارات الاقتصادية في تحقيق الاقلاع التنموي لأنه من الخلاصات الحاسمة أن الإصلاحات السياسية لوحدها ومهما كانت نجاعتها ومستوى نضجها، غير كافية لوحدها لإنجاز الانتقال، فهناك من يتربص بالتجارب الصاعدة، ويشاغب عليها من خلال الوضع الاقتصادي الهش الذي يتم استغلاله لإنعاش الثورات المضادة.
وفي سياق هذه الخلاصات والنتائج، أكد الباحث على ضرورة ابداع نموذج تنموي وطني يبني ويرسخ الديمقراطية، ويوطن التنمية، وخلص البحث إلى ان هذا الرهان يقتضي مقاربة جماعية للتغيير، تتأسس على التعبئة الشاملة للمجتمع والاشراك الحقيقي لكل مكوناته وقواه الحية، منا سيعزز مسار البناء الديمقراطي بالمغرب وتونس، وسيسهم في ارساء أركان دولة الحق والقانون الضامنة للحقوق والحريات والمستشرفة للتنمية المستدامة عبر الأجيال.